تخريج حديث الاضطباع في الطواف
ورد حديث اضطباع النبي صلى الله عليه وسلم في طوافه بالبيت عن ثلاثة من الصحابة رضي الله عنهم:
- عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
- وعبدالله بن عباس رضي الله عنهما.
- ويعلى بن أمية رضي الله عنه.
1- أما حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقد ورد من طريقين عن زيد بن أسلم عن أسلم عنه: أحدهما من طريق ثقة عن زيد به ذكر فيه الرمَل دون الاضطباع؛ رواه البخاري.
والآخر من طريق صدوق له أوهام عند زيد به وزاد فيه الاضطباع؛ أعرض عنه البخاري لنكارته ومخالفته الثقة، وانتقى طريق الثقة الذي لم يذكر فيه الاضطباع.
2- وأما حديث عبدالله بن عباس فقد ورد من ثلاثة طرق عنه؛ طريق عطاء وأبي الطفيل وسعيد بن جبير.
l أما طريق عطاء فذكر الرمَل ولم يذكر فيه الاضطباع؛ وقد رواه البخاري ومسلم.
l وأما طريق أبي الطفيل فقد ورد عنه من ستة طرق:
خمس منها لم يذكروا الاضطباع؛ إذ رواه عنه كل من ابن أبي حسين (ثقة) والجريري (ثقة تغير بآخره) وفطر بن خليفة (صدوق) وعبدالكريم وأبي عاصم الغنوي (وثقه ابن معين)؛ فذكروا الرمَل ولم يذكروا الاضطباع.
أما ابن خثيم (صدوق) فقد وافقه من رواية الثقات عنه بذكر الرمَل فقط دون الاضطباع، وخالفهم من رواية المتكلم فيهم عنه فزاد الاضطباع.
فانتقى مسلم رواية الثقات عن أبي الطفيل بذكر الرمَل فقط، وأعرض عن رواية من زاد الاضطباع لنكارتها ومخالفتها الثقات.
l وأما طريق سعيد بن جبير فقد ورد عنه من طريقين عن أيوب عنه:
الأول منهما رواه حماد بن زيد الثقة الثبت عن أيوب عن سعيد بن جبير فلم يذكر الاضطباع؛ رواه البخاري ومسلم.
أما الطريق الآخر فرواه حماد بن سلمة: تارة يوافق حماد بن زيد سنداً ومتناً عن أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ولا يذكر الاضطباع؛ وهي التي ذكرها البخاري معلقة، وتارة أخرى يرويها حماد بن سلمة يخالف حماد بن زيد سنداً ومتناً فيرويه عن ابن خثيم عن سعيد بن جبير بذكر الاضطباع والرمَل وأنها في عمرة الجعرانة؛ بينما جميع الروايات التي ذكرت الرمَل ذكرته في عمرة القضاء.
واضطرب حماد بن سلمة في روايته عن ابن خثيم اضطراباً شديداً فتارة يرويه هكذا عن ابن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، وتارة عن ابن خثيم عن أبي الطفيل عن ابن عباس بذكر الرمل في عمرة القضاء دون الاضطباع، وتارة عن ابن خثيم عن أبي الطفيل يذكر الرمل وعمرة الجعرانة دون ذكر الاضطباع، وتارة عن ابن خثيم عن أبي الطفيل ولم يذكر الرمل ولا الاضطباع إنما ماشياً في عمرة الجعرانة، وتارة يستبدل به أبا عاصم الغنوي فيرويه عنه عن أبي الطفيل بذكر الرمل وعمرة القضاء دون الاضطباع.
لذا أعرض البخاري ومسلم عن رواية حماد بن سلمة وعن رواية الاضطباع فانتقيا رواية حماد بن زيد عن أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس بذكر الرمل دون الاضطباع في عمرة القضاء، وعلق البخاري رواية حماد بن سلمة التي وافق فيها حماد بن زيد، وأعرضا عن رواية الاضطباع عن سعيد بن جبير.
فالبخاري ومسلم درسا جميع الروايات فانتقى البخاري رواية عمر من جهة؛ ورواية عطاء وسعيد بن جبير عن ابن عباس من جهة أخرى ولم يذكر فيهما الاضطباع، وأعرض عن رواية الاضطباع لنكارتها.
بينما مسلم انتقى رواية عطاء وأبي الطفيل وسعيد بن جبير عن ابن عباس والتي ذكر فيها الرمَل دون الاضطباع؛ وأعرض عن رواية الاضطباع لنكارتها.
3- أما رواية يعلى بن أمية فقد وردت عن ابن جريج من وجهين:
الأول عن ابن يعلى عن أبيه.
والآخر عن عبدالحميد عن ابن يعلى عن أبيه فزاد فيه عبدالحميد.
وذكر فيهما الاضطباع. وكلاهما عنعن فيها ابن جريج وهو مدلس، ورواياته بالعنعنة لا شيء وشبه الريح إذ يدلس عن الكذابين كإبراهيم بن أبي يحيى والضعفاء كموسى بن عبيدة.
وإليك التفصيل
أولاً: حديث عمر
أ- فقد رواه البخاري ومسلم عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر بذكر الرمَل دون ذكر الاضطباع، بينما رواه غيرهما من طريق هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه بذكر الاضطباع. فتفرد هشام بذكر الاضطباع؛ والجمهور على تضعيفه وعدم الاحتجاج به، ثم خالف الثقات عن زيد بن أسلم إذ لم يذكروا الاضطباع. لذا أعرض البخاري ومسلم عن رواية الاضطباع، وانتقيا الرواية التي لم تذكر الاضطباع.
إذ روى البخاري عن محمد بن جعفر (وهو ثقة) عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطاب قال للركن: أما والله إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ثم قال: ما لنا وللرمل؟ إنما كنا راءينا المشركين وقد أهلكهم الله، ثم قال: شيء صنعه النبي صلى الله عليه وسلم فلا نحب أن نتركه. رواه البخاري في صحيحه[1] والإسماعيلي[2] والبيهقي (5/82-83) من طريق محمد بن جعفر به فلم يذكر الاضطباع، وإنما ذكر تقبيل الحجر والرمل. وزاد الإسماعيلي في آخر الرواية ”ثم رَمَل“.
أما تقبيل الحجر فقد تابعه ورقاء(صدوق ووثقه أحمد وابن معين) عند البخاري[3] وعمرو بن الحارث (ثقة فقيه حافظ) عند مسلم[4] ولم يذكرا الاضطباع.
أما رواية هشام فقد رواها عبدالملك بن عمرو[5] (ثقة)، وابن أبي فديك[6] (صدوق)، وإسحاق بن إبراهيم الحنيني[7] (ضعيف) جميعاً عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: سمعت عمر بن الخطاب t يقول: فيم الرمَلان اليوم والكشف عن المناكب وقد أطَّأ الله الإسلام ونفى الكفر وأهله؟ مع ذلك لا ندع شيئاً كنا نفعله على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
بينما خالفهم جعفر بن عون (صدوق) فرواه عن هشام بن سعد بذكر الرمَلان فقط دون الاضطباع فقال في روايته: ”فيم الرملان الآن وقد أطّأ الله الإسلام ونفى الكفر وأهله؟ وأيم اللهّ! ما ندع شيئاً“ الحديث.
ولكن تُقدَّم رواية الأكثر والأوثق (الثقة والصدوق) عن هشام بن سعد والتي فيها زيادة ”الكشف عن المناكب“ إذا لم يتبين أن الخطأ من هشام نفسه.
ولكن هشاماً خالف محمد بن جعفر الثقة وخالف ورقاء (صدوق وثقه أحمد وابن معين) وعمرو بن الحارث، فتفرد هشام بذكر الاضطباع، وهشام قد تكلم فيه العلماء، والأكثر على تضعيفه وعدم الاحتجاج به وإن قال فيه الساجي: صدوق، وقال فيه العجلي: جائر الحديث؛ حسن الحديث، إلا أن الكبار ضعفوه.
قال الإمام أحمد فيه: لم يكن بالحافظ، ليس هو محكم الحديث، وهشام كذا وكذا، وكان يحيى بن سعيد لا يروي عنه. وقال حرب: لم يرضه أحمد.
وقال ابن معين: ليس بشيء، كان يحيى بن سعيد لا يحدث عنه، ضعيف، صالح، ليس بمتروك الحديث وليس بذاك القوي، ضعيف حديثه، مختلط.
وقال النسائي: ضعيف، ليس بالقوي.
قال ابن عدي: مع ضعفه يكتب حديثه.
قال أبو حاتم: يكتب حديثه لا يحتج به، هو وابن إسحاق عندي واحد [وقد قال أبو حاتم في ابن إسحاق: يكتب حديثه[8]؛ وقال فيه: ضعيف.[9]].
وذكره العقيلي في الضعفاء[10].
وقال عبدالحق الإشبيلي: يكتب حديثه ولا يحتج به[11].
قال البرذعي: وجدت في حديثه وهماً كبيراً[12].
وقال ابن سعد: كثير الحديث يستضعف.
وذكره ابن عبدالبر فيمن نسب إلى الضعف ممن يكتب حديثه.
قال ابن حزم: ضعيف جداً[13].
وذكره يعقوب بن سفيان في الضعفاء.
وقال ابن حبان: كان ممن يقلب الأسانيد وهو لا يفهم، ويسند الموقوفات من حيث لا يعلم، فلما كثر مخالفته الأثبات فيما يروى عن الثقات بطل الاحتجاج به[14].
ملخص القول فيه ما قاله علي بن المديني: صالح وليس بالقوي، وقول أبي زرعة: شيخ محله الصدق، وقال: واهي الحديث؛ قال البرذعي: أتقنت ذلك عن أبي زرعة[15]. وقول الدارقطني: غمزوه، ليس به بأس، في حفظه شيء، يجتنب من حديثه ما خالفه الحفاظ فيه[16]. وقول الإمام أحمد: لم يكن بالحافظ، ليس هو محكم الحديث. لذا لم يخرج له مسلم إلا في الشواهد كما قال الحاكم.
أما ما نقله الذهبي في سيره[17] أن أبا داود قال فيه: هو ثقة. فلم ينقله أحد عن أبي داود لما نقلوا قوله فيه لا المزي في تهذيبه، ولا تعقبه ابن حجر في تهذيبه، ولا الذهبي نفسه في ميزانه لما نقلوا قول أبي داود فيه: أثبت الناس في زيد بن أسلم. ولم يذكره الذهبي في كتبه الأربعة الميزان والمغني والديوان وكتابه: ”ذكر أسماء من تكلم فيه وهو موثق“.
لاسيما وقد ضعفه جمع كبير من الجهابذة أئمة الجرح والتعديل، ثم جُرِح جَرحاَ مفسراً: مختلط، يقلب الأسانيد، يسند الموقوفات، يخالف الثقات، لا يحكم الحديث، ويهم وهماً كبيراً.
فلعل الذهبي نقله بالمعنى حين قال فيه أبو داود: ”أثبت الناس في زيد بن أسلم“ لكونه يتيم زيد بن أسلم. فينبغي أن لا يقضي قول أبي داود على قول الجهابذة فيه؛ حتى في روايته عن زيد بن أسلم، إذ يُعْتَبر بقول أبي داود فيه إذا لم يخالف هشام الثقات، وإلا فكم من حديث رواه عن زيد بن أسلم خالف فيه الثقات وزاد فيه زيادات منكرة. لذا قال ابن رجب: إن كان المتفرد عن الحفاظ سيء الحفظ فإنه لا يعبأ بانفراده، ويحكم عليه بالوهم؛ ومَثَّل لذلك بهشام بن سعد.
من مناكير هشام بن سعد عن زيد بن أسلم التي تفرد بها:
الحديث الأول: ما رواه ابن عدي عن سليمان بن حيان عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”ثلاثة لا يفطّرن الصائم: القيء، والرعاف، والاحتلام“[18].
قال عبدالحق فيه: هشام يكتب حديثه لا يحتج به[19]. وقال ابن عدي: هشام بن سعد يقول عن زيد بن أسلم عن عطاء عن ابن عباس وغيره يقول: عن أبي سعيد الخدري. ومنهم من أرسله[20].
ورواه الدارقطني من طريق شعيب عن هشام عن زيد عن عطاء عن أبي سعيد[21].
ورواه البزار من طريق محمد بن عبدالعزيز عن هشام عن عروة عن عطاء بن يسار عن ابن عباس، ومن طريق محمد بن عبدالعزيز عن سليمان عن هشام عن زيد عن عطاء عن ابن عباس. قال البزار:
l رواه عبدالرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء عن أبي سعيد. وعبدالرحمن لين الحديث. [قلت: قال الترمذي: حديث غير محفوظ] [22].
l ورواه غيره عن زيد عن عطاء مرسلاً [قلت: قال الترمذي: رواه عبدالله بن زيد بن أسلم وعبدالعزيز بن محمد وغير واحد عن زيد بن أسلم عن عطاء مرسلاً“[23] ورواه ابن أبي شيبة ثنا إسماعيل بن عياش عن يحيى بن سعيد عن زيد عن عطاء مرسلاً[24]].
l ورواه سليمان بن حيان عن هشام بن سعد عن زيد عن عطاء عن ابن عباس.
وهذا (أي طريق محمد بن عبدالعزيز) من أحسنها إسناداً وأصحها إلا أن محمد بن عبدالعزيز لم يكن بالحافظ[25].
قلت: محمد بن عبدالعزيز الذي رواه عن هشام عن عروة هو الذي رواه عن سليمان عن هشام عن زيد، ورواية ابن عدي والبزار علتها هشام بن سعد.
وقد خالف هشامٌ سفيانَ الثوري؛ إذ رواه هو ومعمر[26] عن زيد بن أسلم عن رجل من أصحابه عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ ”هكذا رواه أبو داود، وهذا الرجل لا يعرف“[27].
إذ قال أبو داود[28]: ثنا محمد بن كثير ثنا سفيان عن زيد بن أسلم عن رجل من أصحابه عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”لا يُفطر من قاء ولا من احتلم ولا من احتجم“.
قال البيهقي: والصحيح رواية سفيان وغيره عن زيد[29]. وقال المنذري: هذا لا يثبت[30]. قال صاحب التنقيح: المحفوظ فيه ما رواه أبو داود. وقال الدارقطني وهو الصواب[31]. وقال الدارقطني عن رواية الثوري: وهو الصحيح[32].
نقل في نصب الراية عن ابن عدي قوله: لا أعرفه إلا من حديث هشام بن سعد، ولا عنه إلا سليمان هذا[33]. وقال: رواه ابن عدي في الكامل وأسند عن ابن معين أنه قال: سليمان بن حيان صدوق وليس بحجة. قال: وهو كما قال ابن معين، فإنه أتي عليه من سوء حفظه[34]. اهـ والأولى بالضعف هشام بن سعد فهو أوهى من سليمان بن حيان
قال ابن حجر في التلخيص[35]: رجح رواية الثوري أبو حاتم وأبو زرعة وقالا: إنه أصح وأشبه بالصواب. وتبعهما البيهقي، وقال الدراقطني: الصحيح رواية الثوري. وفي الباب عن ابن عباس عند البزار وهو معلول. اهـ
وقال أبو زرعة عن رواية الثوري: هذا أصح[36]. وقال أبو حاتم: هذا أشبه بالصواب.
ملخص القول في هذه الرواية: رجح رواية الثوري وخَطّأ رواية هشام عن زيد كل من: الدارقطني، والبيهقي، وصاحب التنقيح، وضعفها المنذري، وأنكرها ابن عدي، وأبو حاتم، وأبو زرعة، وأعل رواية هشام ابن حجر.
الحديث الثاني: روى هشام بن سعد[37] عن زيد بن أسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعاً: ”لما خلق الله آدم مسح ظهره فخرج من ظهره كل نسخة هو خالقها من ذريته إلى يوم القيامة“ ثم ذكر الحديث[38].
رواه ابن سعد[39] والترمذي[40] والحاكم[41] والفريابي[42] وابن منده[43] عن هشام. تفرد هشام بذكر هذه الزيادة، بينما كل من رواه عن أبي هريرة مرفوعاً لم يذكر هذه الزيادة. ورواه الحارث بن عبدالرحمن بن أبي ذباب عن سعيد المقبري عن أبي هريرة بلفظ: ”قال الله عزوجل له ويداه مقبوضتان: اختر أيهما شئت. فقال: اخترت يمين ربي؛ وكلتا يدي ربي يمين مباركة. ثم بسطها فإذا فيها آدم وذريته... الحديث[44]. والحارث أحسن حالاً من هشام بن سعد. قال فيه أبو زرعة: ليس به بأس. وقال ابن حبان: كان من المتقنين. اهـ ولم يحدث عنه مالك.
الحديث الثالث: روى هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس في وصف وضوء النبي صلى الله عليه وسلم ، وفيه: ”فرشَّ على رجله اليمنى وفيها النعل ثم مسحها بيديه؛ يَدٌ فوق القدم ويدٌ تحت النعل، ثم صنع باليسرى مثل ذلك“.
الحديث رواه البخاري[45] من طريق سليمان بن بلال عن زيد بن أسلم وفيه: ”ثم أخذ غرفة من ماءٍ فرشَّ على رجله اليمنى حتى غسلها، ثم أخذ غرفة أخرى فغسل بها رجله –يعني اليسرى- ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ“.
قال الحافظ عن رواية هشام: وأما قوله ”تحت النعل“ فإن لم يحمل على التجوز عن القدم وإلا فهي رواية شاذة، راويها هشام بن سعد؛ لا يحتج بما تفرد، فكيف إذ خالف“[46].
قال البيهقي: وهشام بن سعد ليس بالحافظ جداً، فلا يقبل منه ما يخالف فيه الثقات الأثبات، كيف وهم عدد وهو واحد؟[47]
الحديث الرابع: ما رواه هشام عن نافع عن ابن عمر: قلت لبلال: كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يرد عليهم حين كانوا يسلمون عليه وهو في الصلاة؟ قال: كان يشير بيده[48].
وفي رواية: قلت لبلال أو صهيب[49].
وقد خالف هشام زيد بن أسلم الذي أرسله عن ابن عمر: سألت صهيباً؛ فذكره.
فالحديث حديث زيد بن أسلم وليس حديث نافع، لذا أنكره الدارقطني وقال: غريب[50].
ولم يروه أحد من تلامذة نافع المكثرين عنه.
فإذا تبين ضعف هشام بن سعد؛ فأين محمد بن جعفر الثقة الذي روى عن زيد بن أسلم حديث طواف النبي صلى الله عليه وسلم كاملاً في تقبيل الحجر والرمَل ولم يذكر الاضطباع فوافقه الثقات في الحجر ووافقه هشام في الرمَل. بينما لم يتابع أحد هشاماً في الاضطباع عن زيد بن أسلم؛ وهشام قد علم ما قال فيه جمهور الجهابذة.
ومما يؤكد وهمه في رواية الاضطباع أن من روى عن عمر رضي الله عنه في تساؤله عن الرمل نقل فعله بعد ذلك كما في رواية الإسماعيلي: ”ثم رمَل“، ولما تساءل عن تقبيل الحجر كان قد قبّل الحجر قبل ذلك، ولم يذكر في الاضطباع أن عمر ”اضطبع“.
لذا أعرض البخاري عن رواية هشام بن سعد بذكر الاضطباع، بينما انتقى الروايات الأخرى فرواها بذكر الرمل وتقبيل الحجر فقط؛ وهذا يدل على إنكاره لرواية الاضطباع، بل لم يذكره تعليقاً ولو بصيغة التمريض لنكارتها عنده. والله أعلم
ب- وورد عن عمر رضي الله عنه من طريق ابن جريج عن عبدالله بن أبي مليكة قال: جاء عمر إلى الحجر فقال: علام نبدي مناكبنا وقد جاء الله بالإسلام. ثم قال: لأريكن كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمل[51].
وفيه علتان:
الأولى: ابن جريج يدلس تدليساً قبيحاً، إذ يدلس عن الكذابين كإبراهيم بن أبي يحيى ويدلس عن الضعفاء كموسى بن عبيدة. قال الدارقطني: تجنب تدليس ابن جريج فإنه قبيح التدليس، لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح مثل إبراهيم بن أبي يحيى وموسى بن عبيدة وغيرهما.
قال يحيى بن سعيد: إذا قال ابن جريج: ”قال“، فهو شبه الريح.
قال أحمد: إذا قال ابن جريج: قال فلان وقال فلان وأُخْبِرت جاء بمناكير.
قال مالك: كان ابن جريج حاطب ليل.
الثانية: أما ابن أبي مليكة؛ فقد قال أبو زرعة: عن عمر مرسل[52].
فالرواية لا تصلح للاعتضاد لاسيما بتدليس ابن جريج التدليس القبيح. أما قول ابن كثير: إسناد حسن، فليس بحسن لما عرفت.
ثانياً: حديث ابن عباس
فقد رواه البخاري ومسلم عن عطاء عن ابن عباس فذكر الرمل دون الاضطباع.
ورواه البخاري ومسلم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس فذكر الرمل دون الاضطباع.
بينما رواه غيرهما من طريق مضطرب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس بذكر الاضطباع.
ورواه مسلم عن أبي الطفيل عن ابن عباس بذكر الرمل دون الاضطباع. بينما رواه غيره من طريق منكر عن أبي الطفيل بذكر الاضطباع.
ورواه أحمد عن قتادة عن ابن عباس ولم يذكر الاضطباع.
التفصيل
أ- رواية عطاء عن ابن عباس
روى الحديث البخاري ومسلم عن عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباسt: إنما سعى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الصفا والمروة وبالبيت لِيُريَ المشركين قوته[53].
رواه عشرة من الجهابذة عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباس هكذا، وهم أحمد بن حنبل والحميدي وابن المديني ومحمد بن سلام وأحمد بن عيدة وعمرو بن محمد الناقد وابن أبي عمرو عبدالله بن محمد الزهري والحسين بن حديث وقتيبة بن سعيد.
واضطرب فيه قتيبة بن سعيد؛ فتارة يوافق الثقات الجهابذة التسعة، وتارة أخرى يخالف الثقات فيرويه عن سفيان عن عمرو عن طاوس عن ابن عباس[54]. ولكن هل الخطأ من قتيبة أم من الترمذي الذي تفرد بروايته عن قتيبة بذكر طاوس بدلاً من عطاء؟
وقد تابع عمرو بن دينار عبدالملك بن أبي سليمان[55] عن عطاء به، وتابعهما ابن جريج عن عطاء بذكر الرمل فقط[56] والجميع في روايتهم عن عطاء عن ابن عباس لم يذكروا الاضطباع إنما الرمل؛ وهو المشي السريع حول البيت.
ب- رواية أبي الطفيل عن ابن عباس
فقد رواه ابن أبي حسين (ثقة) والجريري (ثقة تغير بآخره) وفطر بن خليفة (صدوق) وعبدالكريم وأبو عاصم الغنوى (وثقه ابن معين؛ ولكن ابن معين يوثق المجاهيل أحياناً. وقال أبو حاتم: لا أعرفه، ولا حدّث عنه سوى حماد) جميعهم عن أبي الطفيل به بذكر الرمل دون ذكر الاضطباع.
بينما اختلف الرواة في رواية عبدالله بن عثمان بن خثيم (صدوق) عن أبي الطفيل فالثقات رووه عن ابن خثيم عن أبي الطفيل كرواية الجماعة دون ذكر الاضطباع، وآخرون دونهم رووه عنه عن أبي الطفيل مخالفاً لرواية الجماعة.
إذ رواه معمر (ثقة ثبت) وحماد بن سلمة (ثبت في حديث ثابت وعلى بن زيد، يخطئ في غيرهما) عن ابن خثيم كرواية الجماعة دون ذكر الاضطباع.
بينما خالفهم إسماعيل بن زكريا (صدوق يخطئ قليلاً) ويحيى بن سليم (صدوق سيء الحفظ) إذ روياه عن ابن خثيم بذكر الرمل والاضطباع مخالفاً معمراً الثقة وحماد بن سلمة اللذين لم يذكرا الاضطباع، وخالفا كذلك كل من رواه عن أبي الطفيل عن ابن عباس حيث لم يذكروا الاضطباع.
تفصيله
1- رواه مسلم من طريق سفيان بن عيينة عن عبدالله بن عبدالرحمن بن أبي حسين عن أبي الطفيل قال: قلت لابن عباس: إن قومك يزعمون أن النبي صلى الله عليه وسلم رمَل بالبيت وبين الصفا والمروة وأنها سنة. فقال ابن عباس: صدقوا وكذبوا؛ ليست بسنة. اهـ فذكر الرمل دون الاضطباع[57].
2- رواه مسلم من طريق عبدالواحد بن زياد[58]، ومن طريق يزيد بن هارون[59]، ورواه علي بن عاصم[60]، وخالد بن عبدالله الطحان[61] جميعهم عن الجريري (ثقة اختلط قبل موته) عن أبي الطفيل قال: قلت لابن عباس: أرأيت هذا الرَمَل بالبيت ثلاثة أطواف، ومشي أربعة أطواف؛ أسنة هو؟ فقال ابن عباس: صدقوا وكذبوا؛ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم مكة فقال المشركون: ... فذكر الحديث، ثم قال: فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرمَلوا ثلاثاً ويمشوا أربعاً. اهـ فلم يذكر الاضطباع.
3- ورواه يحيى القطان[62]، وسفيان بن عيينة[63]، ومحمد بن عبيد[64]، وأبو نعيم وخلاد بن يحيى[65]، وعبدالله بن المبارك[66]، وعبد الله بن داود[67] وحجاج بن نصير[68] عن فطر بن خليفة ثنا أبو الطفيل قال: دخل عليَّ ابن عباس فقلت: إن قومك يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رمل وأنها سنة. فقال ابن عباس: صدقوا وكذبوا. فذكر الحديث وذكر المشركين ثم قال: ”فقد رمل رسول الله صلى الله عليه وسلم وليست بسنة“ ولم يذكر الاضطباع. فصرح فطر بالتحديث في رواية يحيى بن سعيد القطان، وقال في رواية ابن عيينة: ”سمع أبا الطفيل“، وفطر ثقة في حفظه إلا أنهم تكلموا فيه لسوء مذهبه.
4- رواه محمد بن عمران بن أبي ليلى عن أبيه عن ابن أبي ليلى عن عبدالكريم عن أبي الطفيل عن ابن عباس قال: إن نبي الله حين دخل مكة قال: ”إن القوم قد زعموا أنكم قد هلكتم هزلاً وجوعاً فارملوا“[69]. اهـ. فلم يذكر الاضطباع، والسند مسلسل بالضعفاء.
5- رواه أبو عاصم الغنوي عن أبي الطفيل قال: قلت لابن عباس: يزعم قومك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رمل بالبيت، وأن ذلك سنة؟ قال ابن عباس صدقوا وكذبوا[70]. فذكر الحديث، وذكر المشركين، ولم يذكر الاضطباع.
وهذا الطريق رواه حماد سلمة عن أبي عاصم به، ولكن حماداً في روايته هذا الحديث اضطرب فيه اضطراباً شديداً كما سياتي بيانه بإذن الله تعالى.
6- تابعهم عبدالله بن عثمان بن خثيم عن أبي الطفيل، ولكن اختلف عليه فيه:
أ- رواه معمر (ثقة ثبت) [71]؛ ووافقه حماد بن سلمة في رواية له[72] عن ابن خثيم عن أبي الطفيل عن ابن عباس كرواية الجماعة، فذكرا الرمل وذكرا المشركين؛ أي في عمرة القضاء، ولم يذكرا الاضطباع.
ب- ورواه إسماعيل بن زكريا (صدوق يخطئ قليلاً)[73]، ويحيى بن سليم الطائفي (صدوق سيء الحفظ)[74] عن ابن خثيم عن أبي الطفيل عن ابن عباس كرواية معمر وحماد ولكن بزيادة الاضطباع؛ فخالفاهما وزاد إسماعيل: ”وفعل ذلك في حجة الوداع“.
جـ- وورد من عدة طرق عن حماد بن سلمة عن ابن خثيم عن أبي الطفيل عن ابن عباس؛ فذكر الرمل[75] ولم يذكر الاضطباع، وخالف الجميع حيث ذكر أنها من الجعرانة.
د- ورواه حماد بن سلمة عن ابن خثيم عن أبي الطفيل عن ابن عباس، ولم يذكر الرمل ولا الاضطباع، وإنما ”اعتمر من الجعرانة فطاف بالبيت ماشياً“[76]. فخالفهم بالمشي والجعرانة.
هـ- وورد من عدة طرق عن حماد بن سلمة، فخالف الجميع إذ رواه عن ابن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، فذكر الرمل والاضطباع والجعرانة وذكر سعيد بن جبير بدلاً من أبي الطفيل[77].
فاضطرب فيه حماد بن سلمة اضطراباً شديداً: تارة يوافق الثقة الثبت معمراً وجمهور من رواه عن أبي الطفيل فلا يذكر الاضطباع، وتارة يوافق من دونه فيذكر الاضطباع، وتارة يخالف الجميع فيذكر الجعرانة، وتارة يخالف الجميع فلا يذكر إلا المشي والجعرانة، وتارة يخالف الجميع فيرويه عن ابن خثيم عن سعيد بن جبير.
لذا رواية حماد بن سلمة ليست مرجِّحة. فتبقى رواية معمر الثقة الثبت عن ابن خثيم عن أبي الطفيل التي لم يذكر فيها الاضطباع، ورواية إسماعيل بن زكريا الصدوق الذي يخطئ قليلاً ورواية يحيى بن سليم وهو سيء الحفظ فخالفاه عن ابن خثيم عن أبي الطفيل وذكرا الاضطباع. فالقواعد الحديثية تحكم بنكارة روايتهما لمخالفتهما الثقة الثبت، بل ومخالفتهما كل من رواه عن أبي الطفيل ولم يذكروا الاضطباع.
7- رواه عبيد الله بن أبي زياد عن أبي الطفيل قال: رمَل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحجر إلى الحجر[78].
فذكر الرمل ولم يذكر الاضطباع، ولكن عبيد الله بن أبي زياد القداح تكلم فيه العلماء، وخالف الجميع حيث رواه عن أبي الطفيل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكر ابن عباس رضي الله عنهما.
الخلاصة عن أبي الطفيل عن ابن عباس
جميع من رواه عن أبي الطفيل ذكروا الرمل والمشركين، ولم يذكروا الاضطباع: منهم ابن أبي حسين الثقة، والجريري ثقة تغير بآخره، وفطر بن خليفة الصدوق، وأبو عاصم الغنوي، وعبدالكريم، ووافقهم ابن خثيم الصدوق من رواية معمر الثقة وحماد بن سلمة.
بينما خالف الجميع إسماعيل بن زكريا الصدوق الذي يخطئ قليلاً ويحيى بن سليم الطائفي الصدوق سيء الحفظ عن ابن خثيم عن أبي الطفيل فذكرا الاضطباع. وأما حماد بن سلمة في روايته عن ابن خثيم فاضطرب اضطراباً شديداً في سنده ومتنه. لذا فالقواعد الحديثية ترجح نكارة زيادة الاضطباع عن أبي الطفيل عن ابن عباس رضي الله عنهما.
جـ- رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما
فقد رواه البخاري[79] ومسلم[80] من طريق حماد بن زيد (ثقة ثبت فقيه)، والبخاري[81] معلقاً عن حماد بن سلمة كلاهما عن أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مكة وقد وهنتهم حُمّى يثرب. قال المشركون: يقدم عليكم غداً قوم ... وأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرملوا ثلاثة أشواط، ويمشوا ما بين الركنين ليُري المشركين جلدهم [في عمرة القضاء].
بينما حماد بن سلمة في رواية أخرى له خارج الصحيحين رواه عن ابن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس وفيه: اعتمروا من الجعرانة فاضطبعوا وجعلوا أرديتهم تحت آباطهم ورموها على عواتقهم ثم رملوا. فذكر ابن خثيم عن سعيد بن جبير بدلاً من أيوب عن سعيد بن جبير، وذكر الجعرانة والاضطباع؛ وهذا من اضطراب حماد بن سلمة.
تفصيله
1- روى حماد بن زيد عن أيوب عن سعيد بن جبير حدث عن ابن عباس قال: فذكره[82] أي في عمرة القضاء، وذكر الرمل، ولم يذكر الاضطباع.
2- ورواه البخاري معلقاً عن حماد بن سلمة[83]، ووصله غيره من طريق سريج ويونس[84] وروح[85]، وآخر من طريق أسد[86]، ومن طريق سريج وحجاج بن المنهال[87] الخمسة جميعاً عن حماد بن سلمة عن أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس كرواية حماد بن زيد، فذكر المشركين والرمل ولم يذكر الاضطباع؛ فوافق حماد بن زيد.
3- وخالف حمادُ بن سلمة [في رواية له] حمادَ بن زيد وخالف نفسه. إذ رواه روح[88] وسريج ويونس[89]، وأبو سلمة موسى[90]، وحجاج بن المنهال[91]، وسليمان وحجاج المنهال[92]. جميعاً عن حماد بن سلمة عن ابن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس فذكر الرمل والاضطباع والجعرانة.
فتارة حماد بن سلمة يوافق حماد بن زيد في السند والمتن، وتارة يخالفه في السند إذ رواه عن ابن خثيم بدلاً من أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، وتارة يخالفه في المتن إذ ذكر الاضطباع وأنها عمرة الجعرانة بدلاً من عمرة القضاء وبدلاً من المشركين.
فأصح الروايات ما انتقاه البخاري ومسلم فروياه من طريق حماد بن زيد؛ وعلقه البخاري عن حماد بن سلمة كلاهما عن أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس دون ذكر الاضطباع.
حماد بن سلمة
حماد بن سلمة وثقة أحمد وابن معين وابن سعد والعجلي والساجي والنسائي.
وقال ابن مهدي: صحيح السماع، حسن اللقي، أدرك الناس، لم يتهم بلون من الألوان، ولم يلتبس بشيء، أحسن ملكة نفسه ولسانه ولم يطلقه على أحد، ولا ذكر خَلْقاً بسوء، فسلم حتى مات.
وقال الحجاج بن منهال: من أئمة الدين.
وقال أحمد: حماد أثبت الناس في حميد الطويل وأعلمهم بحديثه وأصح حديثاً وأحسنهم حديثاً عنه، سمع منه قديماً، وحميد الطويل خال حماد، ما أحسن ما روى حماد عن حميد. وأثبت في ثابت من معمر، وأقدم سماعاً من أيوب وكتب عنه قديما في أول أمره.
وقال ابن معين: حماد أثبت الناس في ثابت، من خالفه فيه فالقول قول حماد.
وقال ابن المديني: لم يكن في أصحاب ثابت أثبت من حماد
وقال ابن معين: حديثه في أول أمره وآخره واحد، من سمع منه الأصناف ففيها الاختلاف، ومن سمع منه نُسَخاً فهو صحيح.
وقال أبو حاتم: حماد في ثابت وعلي بن زيد اضبط الناس وأعلمهم بحديثهما.
وقال الحاكم: لم يخرج مسلم لحماد في الأصول إلا من حديثه عن ثابت، وقد خرج له في الشواهد عن طائفة.
وقال أبو داود: لم يكن لحماد كتاب غير كتاب قيس بن سعد، قال أحمد: كان يحدثهم من حفظه وقال: ضاع كتاب حماد عن قيس وكان يحدثهم من حفظه.
وقال البيهقي: هو أحد أئمة المسلمين، إلا أنه لما كبر ساء حفظه؛ لذا تركه البخاري، أما مسلم فاجتهد وأخرج من حديثه عن ثابت ما سمع منه قبل تغيره، وما سوى حديثه عن ثابت لا يبلغ اثني عشر حديثاً؛ أخرجها في الشواهد[93].
قال ابن رجب: أخرج مسلم في صحيحه لحماد بن سلمة عن أيوب وقتادة وابن أبي هند ويحيى بن سعيد الأنصاري، ولكنه إنما أخرج حديثه عن هؤلاء فيما تابعه عليه غيره من الثقات ووافقوه عليه، ولم يخرج له عن أحد منهم شيئاً تفرد به عنه[94].
وقال: حماد بن سلمة يضطرب في بعضهم الذين لم يكثر ملازمتهم[95]. قال أحمد: يخطئ؛ وأومأ بيده خطأ كبيراً[96].
وذكر مسلم في كتاب التمييز أن حماد بن سلمة يخطئ في روايته عن عمرو بن دينار كثيراً[97].
وقال يعقوب بن شيبة: ثقة، في حديثه اضطراب شديد إلا عن شيوخ فإنه حسن الحديث عنهم، متقن لحديثهم، مقدم على غيره فيهم؛ منهم ثابت وعمار[98].
”وقال مسلم: حماد يعد عندهم إذا حدث عن غير ثابت (البناني) فإنه يخطئ في حديثهم كثيراً. وغير حماد في هؤلاء أثبت عندهم؛ كحماد بن زيد.
وقال البيهقي: حماد ساء حفظه في آخر عمره، فالحفاظ لا يحتجون بحديثه بما يخالف فيه“.[99]
”وقال أحمد: حماد لا يقوم على مثل هذا، يجمع الرجال ثم يجعله إسناداً واحداً وهم يختلفون. قال ابن رجب: وبهذا علل بعض الحفاظ عدم إخراج البخاري له“[100]. وقال: ويضطرب في بعضهم الذين لم يكثر ملازمتهم[101].
قال الترمذي: قد تكلم بعض أهل الحديث في حماد بن سلمة وأشباهه من الأئمة، إنما تكلموا فيهم من قبل حفظهم في بعض ما رووا، وقد حدث عنهم الأئمة[102].
قال أحمد: حماد بن زيد أحب إلي من حماد بن سلمة – يعني في صحة الحديث[103]. وقال: ابن زيد أعلم بحديث أيوب من ابن سلمة[104]. وسئل وكيع: أيهما أحفظ؛ حماد بن زيد أو ابن سلمة؟ قال: حماد بن زيد[105]، وكذا قال يزيد بن زريع[106].
قال أبو زرعة: حماد بن زيد أثبت من حماد بن سلمة بكثير؛ أصح حديثا وأتقن[107].
وحماد بن سلمة اضطرب في هذا الحديث، إذ رواه من عدة أوجه:
1- فرواه عن أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس بذكر الرمل دون الاضطباع، مع ذكر المشركين أي في عمرة القضاء، فوافق حماد بن زيد عند البخاري ومسلم.
2- ورواه عن ابن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس؛ فذكر الاضطباع وعمرة الجعرانة؛ فخالف نفسه وخالف حماد بن زيد.
3- ورواه عن ابن خثيم عن أبي الطفيل عن ابن عباس؛ فذكر الرمل والمشركين دون الاضطباع، فوافق معمراً عن ابن خثيم عن أبي الطفيل.
4- ورواه عن ابن خثيم عن أبي الطفيل عن ابن عباس؛ فذكر الرمل دون الاضطباع ولكن في عمرة الجعرانة؛ فخالف نفسه وخالف معمراً الثقة الثبت في ذكر الجعرانة.
5- ورواه عن ابن خثيم عن أبي الطفيل عن ابن عباس؛ فذكر المشي ولم يذكر الرمل ولا الاضطباع، وذكر عمرة الجعرانة.
6- ورواه عن أبي عاصم الغنوي عن أبي الطفيل عن ابن عباس؛ فذكر الرمل دون الاضطباع، وذكر المشركين أي في عمرة القضاء؛ ولكن انفرد بهذا السند عن أبي عاصم الغنوي.
فأصحها ما وافق حماد بن زيد عن أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس بذكر الرمل والمشركين دون الاضطباع.
وما وافق معمراً عن ابن خثيم عن أبي الطفيل عن ابن عباس بذكر الرمل والمشركين دون الاضطباع.
د- رواية عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما
إذ رواه أحمد[108] ثنا عبد الصمد و[109] ثنا عفان و[110] ثنا بهز جميعاً ثنا همام ثنا قتادة عن عكرمة عن ابن عباس: طاف رسول الله سعياً، وإنما طاف ليري المشركين قوته، (لفظ عبدالصمد) وقال عفان: ولذا أحب رسول الله أن يري الناس قوته.
وفي لفظ آخر لعفان: طاف سبعاً وطاف سعياً.
ولفظ بهز: طاف بالبيت سبعاً وسعى سبعاً، وإنما سعى أحب أن يري الناس قوته.
وهذه الرواية بلفظ عفان وعبدالصمد توافق رواية الثقات عن ابن عباس بذكر الرمل والمشركين دون الاضطباع، ولكن فيها عنعنة قتادة وهو مدلس.
هـ- رواية طاوس عن ابن عباس
روى الترمذي[111] ثنا قتيبة ثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس: إنما سعى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبيت وبين الصفا والمروة ليري المشركين قوته.
قال الترمذي: حديث ابن عباس حديث حسن صحيح.
قلت: ربما الأرجح أن هذه الرواية خطأ إما من الترمذي أو من قتيبة بذكر طاوس وإنما هو عطاء كما رواه النسائي عن قتيبة عن سفيان عن عمرو عن عطاء عن ابن عباس. ووافق قتيبةَ عن سفيان بذكر عطاء أحمدُ بن حنبل والحميديُّ وعليُّ بن المديني ومحمدُ وأحمدُ بن عبدة وعمرو بن محمد الناقد وابنُ أبي عمر العدني وعبدُالله بن محمد الزهري والحسنُ بن حريث. وقد مضى ذلك في رواية عطاء عن ابن عباس.
فتلخص مما سبق أن أصح الروايات عن ابن عباس ما رواه عطاء وسعيد بن جبير وأبو الطفيل وعكرمة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم رمل في طوافه دون ذكر الاضطباع.
ثالثاً: حديث يعلى بن أمية
1- رواه وكيع[112]، ومحمد بن كثير[113] كلاهما عن سفيان عن ابن جريج عن ابن يعلى عن أبيه: ”أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم طاف بالبيت وهو مضطبع ببرد له حضرمي“. في رواية ابن كثير ”ببرد أخضر“ [هل هذا تصحيف كلمة حضرمي من قبل محمد بن كثير أم زيادة؟].
2- وتابع سفيانَ عمرُ بن هارون البلخي أبو حفص[114] ثنا ابن جريج عن بعض بني يعلى بن أمية عن أبيه؛ ولكن بلفظ: ”رأيت النبي صلى الله عليه وسلم مضطبعاً بين الصفا والمروة ببرد له نجراني“. فلم يذكر الطواف بالبيت، إنما ذكر اضطباعه بين الصفا والمروة.
ولكن عمر بن هارون متروك الحديث.
3- وخالف وكيعاً وابن كثير كلٌّ من محمد بن يوسف الفريابي[115]، وقبيصة[116] فروياه عن سفيان عن ابن جريج عن عبدالحميد عن ابن يعلى عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف بالبيت مضطبعاً.
قال الترمذي: هذا حديث الثوري عن ابن جريج، ولا نعرفه إلا من حديثه؛ وهو حديث حسن صحيح، وعبدالحميد هو ابن جبير بن شيبة عن ابن يعلى عن أبيه؛ وهو يعلى بن أمية.
قال البيهقي: قال أبو عيسى: قلت له –يعني البخاري: من عبدالحميد هذا؟ قال: هو ابن جبير بن شيبة، وابن يعلى هو ابن يعلى بن أمية. اهـ
لكن قبيصة هو ابن عقبة: ثقة إلا في روايته عن الثوري؛ إذ قال أحمد في رواية قبيصة عن سفيان: كان كثير الغلط؛ كان صغيراً لا يضبط. وقال ابن معين: ثقة في كل شيء إلا في حديث سفيان؛ فإنه سمع منه وهو صغير.
أما محمد بن يوسف الفريابي فهو ثقة؛ إلا أنه دون وكيع في روايته عن الثوري، وقريب من قبيصة؛ سئل ابن معين عن أصحاب الثوري أيهم أثبت؟ فقال هم خمسة: القطان ووكيع وابن المبارك وابن مهدي وأبو نعيم، أما الفريابي وقبيصة فهم دون أولئك في الضبط والمعرفة.
وقال العجلي: وكيع أثبت في حديث سفيان من الفريابي وقبيصة. وقال ابن عدي: له أفرادات عن الثوري. وقال بعض البغداديين: أخطأ محمد بن يوسف [الفريابي] في مائة وخمسين حديثاً من حديث سفيان[117].
4- رواه أحمد[118]: ثنا عبدالله بن الوليد ثنا سفيان عن ابن جريج عن رجل عن ابن يعلى عن يعلى قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم مضطبعاً برداء حضرمي.
فيه عبدالله بن الوليد؛ قال الذهبي: شيخ، قال ابن حجر: صدوق ربما أخطأ.
قال فيه أحمد: سمع من سفيان؛ وجعل يصحح سماعه، ولكن لم يكن صاحب حديث، وحديثه حديث صحيح، وكان ربما أخطأ في الأسماء.
وقال عنه أحمد: لم يكن يفصل.... ولكن كانت صدور أحاديثه صحاحاً.
وقال ابن معين: لا أعرفه، لم أكتب عنه شيئاً.
وقال أبو زرعة: صدوق.
وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به.
وقال ابن حبان: مستقيم الحديث.
وقال ابن عدي: روى عن الثوري غرائب غير الجامع[119].
ومما يستغرب قول الدارقطني فيه: ثقة مأمون[120].
وقوله في الإلزامات: أصحاب الثوري الحفاظ؛ فذكر منهم عبدالله بن الوليد[121]. ولم يوافقه أحد في كونه من أصحاب الثوري الحفاظ، ربما عنى أنه روى جامع الثوري. إنما الحفاظ عن الثوري وكيع وابن مهدي وابن المبارك وأبو نعيم ويحيى بن سعيد القطان، فأين عبدالله بن الوليد من هؤلاء الجهابذة؟
5- رواه الطحاوي في المعاني[122] من طريق ابن أبي ليلى عن عطاء عن يعلى بن أمية: ”لما حج عمر رمل ثلاث“. اهـ
وابن أبي ليلى هو محمد بن عبدالرحمن سيء الحفظ، ولم يذكر الاضطباع.
الخلاصة
أرجح الروايات عن الثوري رواية وكيع ومحمد بن كثير عن الثوري عن ابن جريج عن ابن يعلى عن يعلى فذكر الرمل والاضطباع. ولكن هذه الرواية عن ابن جريج وجميع الروايات قد عنعن فيها ابن جريج. قال أحمد: إذا قال ابن جريج: ”قال فلان وقال فلان وأُخْبِرت“؛ جاء بمناكير، وإذا قال: ”أخبرني وسمعت“؛ فحسبك به.
قال مالك: كان ابن جريج حاطب ليل.
وقال يحيى بن سعيد: إذا قال: ”قال“ فهو شبه الريح.
قال الدارقطني: تجنب تدليس ابن جريج فإنه قبيح التدليس، لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح مثل إبراهيم بن أبي يحيى [كذاب] وموسى بن عبيدة [ضعيف] وغيرهما.
فروايته هذه لا ينتفع بها؛ لذا قال يحيى بن سعيد القطان: إن لم يحدثك ابن جريج من كتابه لم ينتفع به[123]. أما رواية ابن أبي ليلى فهو سيء الحفظ، ولم يذكر الاضطباع.
تنبيه: ما ذكرته من أقوال العلماء في جرح الرجال وتعديلهم ولم أعزه إلى مصدر فالمرجع هو تهذيب التهذيب للحافظ ابن حجر.
اختلف العلماء في حكم الاضطباع على قولين:
القول الأول: الاضطباع مشروع، وهو سنة باقية.
وإلى هذا القول ذهب جمهور العلماء، ومنهم: أصحاب المذاهب الثلاثة: الحنفية، والشافعية، والحنابلة[124].
وورد عن عمر بن عبدالعزيز ولم يصح لإرساله، والذي رواه عنه ابن جريج مرسلاً وهو الذي روى الاضطباع، وورد عن أبي جعفر محمد بن علي ولا يصح لجهالة محمد بن عبدالرحمن العدني[125]؛ ذكره كل من البخاري في تاريخه[126] وابن أبي حاتم[127] دون جرح أو تعديل.
القول الثاني: لا يُشرع الاضبطاع، وأنه ليس بسنة.
وإلى هذا القول ذهب: المالكية[128]. وحكى ابن المنذر عن مالك أنه قال: لا يُعرف الاضطباع، ولا رأيت أحداً يفعله[129]. وقال مالك: ليس الاضطباع بسنة. وقال: لم أسمع أحداً من أهل العلم ببلدنا يذكر أن الاضطباع سنة[130].
ولعله قول البخاري ومسلم إذ تجنبوا رواية حديث الاضطباع، ولم يبَوب له البخاري باباً ولم يذكر قولاً لصحابي ولا لتابعي في الاضطباع كعادته في المسائل الفقهية المشهورة. وكذا لم يثبت فيه قول لصحابي ولا لتابعي فلعلهم لأنهم لم يروه سنة.
ونقل سند عن مالك أنه قال في الموازية: ولا يحسّر عن منكبيه، ولا يحركهما[131] وفي العتبية: سئل مالك عن حَسْر المحرم عن منكبيه إذا هو طاف بالبيت الطواف الواجب في الرمل. قال: لا يفعل.
قال ابن رشد –الجد-: زاد في كتاب ابن المواز: ولا يحركهما. وهذا كما قال؛ إذ ليس من السنة أن يحسر عن منكبيه، ولا يحركهما بقصد منه إلى ذلك. فإذا انحسر منكباه أو تحركا لشدة الرمل فلا بأس به؛ فقد قيل: إن الرمل هو الخبب الشديد دون الهرولة الذي يحرك منكباه لشدته[132].
الأدلة
استدل أصحاب القول الأول، وهم الجمهور:
1- بما سبق ذكره من الروايات عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أنهم طافوا مضطبعين.
قال ابن قدامة: (وقد ثبت بما روينا أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فعلوه، وقد أمر الله تعالى باتباعه، وقال: ]لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ[[133].
نوقش: لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من الصحابة أنه اضطبع.
2- عن أسلم مولى عمر بن الخطاب قال: سمعت عمر يقول: فيم الرَّمَلان الآن والكشف عن المناكب وقد أطّأ الله الإسلام ونفى الكفر وأهله؟ ومع ذلك لا ندع شيئاً كنا نفعله على عهد رسول الله[134]. فدل ذلك على فعله من قبل الصحابة رضي الله عنهم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وبقاء حكم الاضطباع.
نوقش: لم تصح زيادة ”والكشف عن المناكب“ وقد سبق التفصيل في نكارة هذه الزيادة.
واستدل أصحاب القول الثاني، القائلون بعد استحبابه:
1- لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من الصحابة أنه اضطبع في طوافه.
2- وبما يُشبه الإجماع على عدم مشروعيته؛ قال مالك: لم أسمع أحداً من أهل العلم ببلدنا يذكر أن الاضطباع سنة[135].
الراجح: عدم مشروعية الاضطباع لأن فعله عبادة، ولا تثبت العبادة إلا بدليل، ولم يثبت في ذلك دليل.
[[1]] البخاري (1605).
[[2]] فتح الباري (3/472).
[[3]] البخاري (1610).
[[4]] مسلم (1270).
[[5]] أحمد (1/45) ومن طريقه أبو داود (1887).
[[6]] ابن خزيمة (2708) والحاكم (1/45) والبيهقي (5/79).
[[7]] الطحاوي في شرح المعاني (2/182).
[[8]] الجرح (7/192).
[[9]] العلل (1300).
[[10]] (4/169).
[[11]] الأحكام الوسطى (2/221).
[[12]] سؤالات البرذعي لأبي زرعة (391-392).
[[13]] المحلي (7/372).
[[14]] المجروحين (3/ 89).
[[15]] الضعفاء؛ رواية البرذعي (391).
[[16]] سؤالات ابن بكير (26).
[[17]] سير أعلام النبلاء (7/345).
[[18]] الكامل (5/270) (10/336).
[[19]] الأحكام الوسطى (2/ 221).
[[20]] الكامل (10/336).
[[21]] سنن الدارقطني (2/183).
[[22]] سنن الترمذي (917).
[[23]] سنن الترمذي (719) نصب الراية (2/446).
[[24]] نصب الراية (2/447).
[[25]] الكشف (1/478-479). انظر نصب الراية (2/447).
[[26]] عبدالرزاق (4/ 213/ 7538).
[[27]] قاله ابن تيمية في حقيقة الصيام (20).
[[28]] سنن أبي داود (2364).
[[29]] سنن البيهقي (4/220).
[[30]] مختصر أبي داود.
[[31]] نصب الراية (2/448).
[[32]] العلل (11/269).
[[33]] نصب الراية (2/447) الكامل لابن عدي (5/270).
[[34]] الكامل (5/267، 271).
[[35]] تلخيص الخبير (2/194).
[[36]] العلل لابن أبي حاتم (198).
[[37]] الحاكم (2/585-586).
[[38]] انظر أنيس الساري ح (1169) ص (1591).
[[39]] الطبقات (1/27).
[[40]] الترمذي (3076، 3078).
[[41]] المستدرك (2/532، 585).
[[42]] القدر للفريابي (19).
[[43]] التوحيد (455)، الرد على الجهمية (23).
[[44]]رواه الترمذي (3368) وابن أبي عاصم (212) وابن حبان (14/41/6167) والحاكم (1/64).
[[45]] صحيح البخاري (140).
[[46]] الفتح (1/241).
[[47]] السنن (1/73).
[[48]] رواه أحمد (6/12) وأبو داود (927) والترمذي (368).
[[49]] رواه الطحاوي في المعاني (1/454) والمشكل (14/5709) والبيهقي (2/259).
[[50]] انظر سؤالات ابن بكير للدارقطني، تحقيق أبي عمر الأزهري (94-96).
[[51]]رواه مسدد في مسنده (مسند الفاروق لابن كثير (1/316).
[[52]] جامع التحصيل.
[[53]] رواه أحمد (1/221) والحميدي (497) وعنه الطبراني (11/ 11381) والبخاري معلقاً (1649)، وعلي بن المديني [البخاري (1649)]، ومحمد بن سلام [البخاري (4257)] وأحمد بن عبدة [مسلم (1266)، والبيهقي (5/ 82)] وعمرو بن محمد الناقد [مسلم (1266)]، وابن أبي عمر العدني [مسلم (1266)]، وعبدالله بن محمد الزهري [النسائي (3927)] والحسن بن حريث [النسائي (176)]، وقتيبة بن سعيد [النسائي (3927)] جميعهم عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباس.
[[54]] رواه الترمذي (863).
[[55]] الطبراني (11/11288).
[[56]] مسند أبي يعلي (4/2492).
[[57]] رواه الحميدي (511) ومسلم (1264) الطبراني في الكبير (10/326).
[[58]] رواه مسلم (1264) وابن حبان (9/3845).
[[59]] رواه أحمد (1/369) ومسلم (1264) والبيهقي (5/81-82).
[[60]] أحمد (1/247).
[[61]] ابن خزيمة (2719).
[[62]] رواه أحمد (1/229).
[[63]] الحميدي (511)، والطبراني (10/10626).
[[64]] رواه أحمد (1/233).
[[65]] الطبراني في الكبير (10/10625).
[[66]] ابن حبان (9/3811).
[[67]] رواه ابن حبان (9/3841).
[[68]] الطحاوي في المعاني (2/180).
[[69]] الطبراني في الكبير (10/10629).
[[70]] رواه أحمد (1/297، 298، 311، 373) وأبو داود (1885) والطحاوي في المعاني (2/179) والطبراني في الكبير (10/10628).
[[71]] رواه أحمد (1/314) وابن ماجه (2953) وابن حبان (9/3814).
[[72]] أحمد (1/372-373).
[[73]] أحمد (1/305).
[[74]] أبو داود (1889) وابن خزيمة (2707) وابن حبان (9/3812) (14/6531) والبيهقي (5/79).
[[75]] أحمد (1/295، 306) وأبو داود (1890) وأبو يعلي (4/2574) والطحاوي في المعاني (2/180).
[[76]] الطبراني (10/10630).
[[77]] أحمد (1/306، 371) وأبو داود (1884) والبيهقي (5/79) من طريقه والطبراني (12/12478).
[[78]] الطحاوي في المعاني (2/181).
[[79]] (1602، 4256).
[[80]] (1266).
[[81]] (4256).
[[82]] أحمد (1/290، 294) والبخاري (1602، 4256) ومسلم (1266) وأبو داود (1886) والنسائي (3928) والطحاوي في المعاني (2/179) وأبو عوانة (إتحاف المهرة 7/7374) والبيهقي (5/82).
[[83]] (4256).
[[84]] أحمد (1/306، 373).
[[85]] رواه أحمد (1/373).
[[86]] ابن خزيمة (2720).
[[87]] الإسماعيلي [الفتح (7/510)، تغليق التعليق (4/ 138)].
[[88]] أحمد (1/371).
[[89]] أحمد (1/306).
[[90]] أبو داود (1885).
[[91]] الطبراني (12/12478).
[[92]] البيهقي (5/79).
[[93]] انظر تهذيب التهذيب.
[[94]] شرح العلل (2/783).
[[95]] شرح العلل (1/414).
[[96]] شرح العلل (1/402).
[[97]] شرح العلل لابن رجب (2/ 685).
[[98]] علل ابن رجب (2/781).
[[99]] شرح العلل (2/783).
[[100]] شرح العلل (2/815).
[[101]] شرح العلل (1/414).
[[102]] شرح العلل (1/407).
[[103]] شرح العلل (1/462).
[[104]] شرح العلل (2/782).
[[105]] شرح العلل (1/462).
[[106]] شرح العلل (1/463).
[[107]] شرح العلل (1/463).
[[108]] (1/311).
[[109]] (1/311، 255).
[[110]] (1/310).
[[111]] الترمذي (863).
[[112]] أحمد (4/223، 224) وابن أبي شيبة (5/687).
[[113]] أبو داود (1883) والبيهقي (5/79).
[[114]] أحمد (4/223).
[[115]] الدارمي (2/43) وابن ماجه (2954) والبيهقي (5/79).
[[116]] ابن أبي شيبة (5/687) والترمذي (859) وابن ماجه (2954) والبيهقي (5/79).
[[117]] انظر تهذيب التهذيب ترجمة محمد بن يوسف الفريابي.
[[118]] أحمد (4/222).
[[119]] انظر ترجمته في التهذيب.
[[120]] موسوعة أقوال الدارقطني (1997) [سؤالات الدارقطني (368)].
[[121]] الإلزامات والتتبع (313).
[[122]] (2/182).
[[123]] انظر تهذيب التهذيب.
[[124]] انظر المبسوط 4/10، بدائع الصنائع 2/147، الهداية 1/140، حاشية ابن عابدين 2/495، الأم 2/174، حلية العلماء 3/284، الحاوي الكبير 4/140، الوسيط 2/648، والمجموع 8/19، إعانة الطالبين 2/300، المغني (3/385-386)، فتح الباري 3/472.
[[125]] رواهما ابن أبي شيبة (5/687-688).
[[126]] التاريخ الكبير (1/159).
[[127]] الجرح والتعديل (7/326).
[[128]]انظر البيان والتحصيل (3/449-450) المغني (3/386) الحاوي (4/140)، المجموع (8/21)، فتح الباري (3/472).
[[129]] انظر حلية العلماء (3/284).
[[130]] [المغني (3/386)].
[[131]] انظر هداية السالك (2/808).
[[132]] انظر: العتبية مع البيان والتحصيل (3/449-450).
[[133]] المغني (3/386).
[[134]] تقدم تخريجه.
[[135]] انظر المغني (3/386) البيان والتحصيل (3/449).
لا يعمل البث إلا مع الدروس
يمكنك معرفة المزيد عن خدمة البث المباشر
إضغط هنا